القاهرة

الاتصالات الجيدة - السبيل الأمثل لصياغة إستراتيجية ناجحة لوسائط الإعلام الاجتماعية

بقلم نضال أبو لطيف نائب رئيس «أفايا» للأسواق الناشئة


نضال أبو لطيف

الاتصالات الجيدة - السبيل الأمثل لصياغة إستراتيجية ناجحة لوسائط الإعلام الاجتماعية . ويحذر الخبراء من أن العديد من الشركات العاملة بمنطقة الشرق الأوسط قد أخفقت في تحقيق الغاية المنشودة من وسائط الإعلام الاجتماعية والمتمثلة في تعزيز مكانتها وتنافسيتها وربحيّتها. ويعزو هؤلاء الخبراء ذلك الإخفاق إلى خلل تعانيه تلك الشركات يَحُولُ دون قيام مديري مراكز الاتصال بالمهامّ المنوطة بهم على أكمل وجه..

في أغلب الأحيان، تمثل وسائط الإعلام الاجتماعية امتداداً طبيعياً لإستراتيجية التسويق أو الاتصال التي تعتمدها هذه الشركة أو تلك. وبات شائعاً أن تقوم إدارة التسويق بشركة ما بإطلاق حملة ترويجية عبر موقع «فيس بوك» أو صياغة إستراتيجية الوسائط الاجتماعية كاملة دون أن تستشيرَ مدير مركز الاتصال أو أن تأخذ برأيه. وبالمقابل، فإن إدارة التسويق ليست الجهة المعنيّة بالردِّ على تغريدات «تويتر» أو المدوَّنات أو الرسائل أو التعليقات المتدفقة من العملاء. وقد يتسبّب مثل هذا الخلل في استياء العملاء، وربما غضبهم، في حال عدم تقويمه ووضع الأمور في نصابها.

ومن المعروف أن التواصل مع العملاء، لاسيّما ما يتصل بخدمة العملاء، من مسؤوليات مركز الاتصال. ورغم ذلك، فإن مدير مركز الاتصال قد لا يُستشار أو يُحاط بما تعتزم إدارة التسويق القيام به، الأمر الذي يُضطره إلى مواءمة استجابة مركز الاتصال مع إستراتيجية الوسائط الاجتماعية في مرحلة لاحقة. وفي واقع الحال، لا تملك غالبية الشركات بمنطقة الشرق الأوسط إستراتيجية واضحة فيما يتصل بالوسائط الاجتماعية ، حيث تتولى إدارة التسويق أو الاتصال أو العلاقات العامة تلك المهمة بمشاركة تكاد لا تُذكر من مراكز الاتصال، ونادراً ما تعكف أكثر من إدارة على صياغة تلك الإستراتيجية معاً.

وقد يلحق مثل هذا الخلل ضرراً بالغاً بالشركة المعنية بسبب استجابة مركز الاتصال الضعيفة لاستفسارات العملاء عن الحملات التسويقية أو الترويجية التي تطلقها الشركة عبر الوسائط الاجتماعية ، مثل مواقع «فيس بوك» و«تويتر» والمدوَّنات وغيرها، وقد تطال الانتقادات الإستراتيجية التي صاغتها الشركة لتلك الغاية.

ولكن ثمة العديد من السبل المتاحة لمعالجة هذا الخلل، فالتواصل الفعّال بين كافة الأطراف المعنية كفيل بتمكين مديري مراكز الاتصال من الإسهام بجعل إستراتيجية الوسائط الاجتماعية تعمل بالشكل الأمثل وعلى النحو الذي يعزز مكانة وسمعة وتنافسية الشركة المعنية.

ويشدّد الخبراء على الأهمية البالغة لصياغة إستراتيجية وسياسة محدّدة المعالم للوسائط الاجتماعية ، مؤكدين على ضرورة أن ينسّق مديرو مراكز الاتصال وأقسام التسويق لإنجاز تلك المهمة على أكمل وجه. ربما يقول البعض إنّ مدير التسويق هو المسؤول الأول عن صياغة الإستراتيجية الكلية في هذا الشأن، ولكن من غير المرجّح أن يلّم مدير التسويق بالتفاصيل التشغيلية الدقيقة. وعلى سبيل المثال، نجانب الصواب تماماً إن أطلقنا حملة ترويجية أو تسويقية صباح الأحد، أي يوم العمل الأول بغالبية بلدان الشرق الأوسط، إذ يشهد هذا اليوم حركة كثيفة على مراكز الاتصال. لذا فإن التنسيق الوثيق بين الأطراف المعنية يضمن نجاح إستراتيجية الوسائط الاجتماعية وتحقيقها لغاياتها المنشودة.

ولا يقلّ عن ذلك أهمية الإصغاء إلى الطرف الآخر. وبتعبير آخر، إذا ما تفهّم مدير مركز الاتصال النتائج التي يطمح ويتطلع إليها طاقم التسويق والمبيعات فإنه سيتمكن حتماً من تحديد توقعاتهم من مركز الاتصال. وعليهِ، من الأفضل أن يبادر مدير مركز الاتصال إلى إشعار قسم التسويق بالقدرات التي يملكها، أو يحتاجها، مركز الاتصال على صعيد الوسائط الاجتماعية.

وإذا ما أردنا لحملة ترويجية أو تسويقية، عبر موقع «فيس بوك» على سبيل المثال، أن تحقق الغاية المرجوّة منها، يتعيّن على موظفي مراكز الاتصال أن يحدّدوا، بالسرعة الكافية، الاتصالات الواردة نتيجة الحملة بحيث تتم الاستجابة إليها على النحو الذي يعزز الفائدة المتأتية من تلك الحملة. ولتحقيق ما سبق، لابدّ من إحاطة موظفي مركز الاتصال بطبيعة الحملة الترويجية أو التسويقية، وتحميل النصوص الملائمة للردّ على التساؤلات والاستفسارات المختلفة لدعم الحملة عبر الاستجابة المُثلى للاتصالات الواردة إلى مركز الاتصال.

وعلى صعيد موازٍ، يتعيّن على مركز الاتصال أن يعدّ تقارير كاملة عن الحملة. والسؤال الملحّ الذي يطرح نفسه هنا: هل يمكنك كمدير لمركز الاتصال أن تنجز كل ذلك بالإمكانات المتاحة لديك الآن؟ وهنا لابدّ من الصراحة التامة مع قسم التسويق وإحاطته بما يمكن لمندوبي مركز الاتصال القيام به، ومتطلبات التدريب اللازم، والتقنية الحديثة الضرورية، وأوجه التواصل مع العملاء الواجب تحديثها. وفي المحصلة، ما الفترة الزمنية اللازمة ليصل أداء مركز الاتصال إلى ذروته بحيث يلبي متطلبات الوسائط الاجتماعية بالشكل الأمثل

وعلينا ألا نستهين بالاستجابة الهائلة المحتملة لحملة تطلقها الشركة عبر الوسائط الاجتماعية والتكلفة الباهظة المحتملة. وعلى سبيل المثال، نعلم أن العملاء يستخدمون موقع «تويتر» لإرسال تغريداتهم على مدار اليوم، طوال أيام العام. والسؤال هنا: هل يملك مركز الاتصال الموارد الكافية لمواكبة ذلك؟ وفي حال كانت الإجابة بالنفي، ما الذي يحتاجه مركز الاتصال لتحقيق ما سبق، ومن سيتحمّل تكلفة ذلك؟ فالميزانية من الأمور المحورية في هذا الشأن.

وبالمثل، لابد من إحاطة الإدارة العُليا ومجلس إدارة الشركة بالتطورات والمستجدات التي تشهدها إستراتيجية الوسائط الاجتماعية ، فهذه هي الطريقة المُثلى لإطلاعهم على تأثير مثل تلك الإستراتيجية على مركز الاتصال وأقسام الشركة المختلفة. كما أن ذلك يجعلهم يستشرفون تأثير إستراتيجية الوسائط الاجتماعية، في حال نجاحها، وكذلك استشراف تأثيرها في مكانة الشركة، وربما سعر أسهمها، في حال إخفاقها أو عدم تنفيذها بالشكل الأمثل.

وثمة من يقول إن الحدود الفاصلة بين أقسام المبيعات والتسويق وخدمة العملاء وغيرها باتت ضبابية، أو غير واضحة المعالم، بسبب الوسائط الاجتماعية لتي تتقاسم مسؤوليتها عدّة أقسام، وأن شركات عدّة تكون غير مستعدة للتعامل مع مثل هذه الضبابية عند إطلاق أولى حملاتها الترويجية أو التسويقية عبر الوسائط الاجتماعية. وفي الختام، لابدّ من التأكيد على أهمية التعاون والتنسيق الوثيقين بين الأقسام المختلفة عند صياغة إستراتيجية الوسائط الاجتماعية لأهمية ذلك في إثراء تجربة العملاء وتحفيز التسويق وتعزيز العائد على الاستثمار.