القاهرة

مزايا الحوسبة السحابية لشركات الشرق الأوسط

علي أحمر المدير الإقليمي لبروكيد للاتصالات في الشرق الأوسط


علي أحمر المدير الإقليمي لبروكيد للاتصالات في الشرق الأوسط

شهد نموذج الحوسبة تحولات جذرية قلبت كيانه رأسًا على عقب، فقد زادت أحجام المعلومات التي يتم إنشاؤها خارج نطاق مراكز البيانات المركزية بمعدلات سريعة ليس لها نظير، وذلك من جراء الاستخدام المتنامي للأجهزة والتطبيقات المحمولة ذات الخصائص المتقدمة. ووفقا لما توصلت إليه أحدث الدراسات البحثية، سيصل عدد الأجهزة المحمولة المستخدمة إلى 15 مليار جهاز بحلول عام 2015، ومن المتوقع أن يصل حجم البيانات التي ينشئها المستخدمون إلى 35 زيتابايت (الزيتابايت يساوي تريليون (ألف مليار) جيجابايت) بحلول عام 2020. وتبرز هذه الأرقام المذهلة ضخامة المهمة والتحديات التي يواجهها مديرو أقسام تقنية المعلومات في الوقت الحالي، وتثير تساؤلات حول كيفية تلبية احتياجات المستخدمين وضمان زيادة الإنتاجية والنجاح المالي. وفي قلب هذه المهمة تكمن البنية التحتية الشبكية ونموذج الحوسبة السحابية.

إن تصميم بنية تحتية للشبكات تتمتع بالمرونة التي تجعلها تواكب المتطلبات الحديثة ليس بالأمر السهل أو البسيط، بل يتطلب استراتيجية تستشرف المستقبل من أجل تبني الأفكار والحلول المختلفة. ومع ذلك فإن تحقيق ذلك كما يعلم مديرو أقسام تقنية المعلومات قد يكون أمرًا سهلا من الناحية النظرية لكنه عسير للغاية من الناحية العملية. فبعض وليس كل أقسام تقنية المعلومات تقاوم التغيير بشراسة، إذ تنظر هذه المراكز إلى الضغوط الداخلية لتطبيق أدوات جديدة ونظم سريعة الأداء على أنها زيادة في حجم أعبائها – ويعزى ذلك جزئيًا إلى الهوة التي تفصل بين الإدارة اليومية للتقنية وعملية اتخاذ القرارات التجارية في الشركات، وقد نجمت هذه الهوة عن قصور النظرة إلى دور أقسام تقنية المعلومات على ‘خدمة وصيانة مجموعة من الأجهزة القديمة’ بدلا من النظر إليه ‘كوحدة استراتيجية’.

وبالنسبة لمديري أقسام تقنية المعلومات، يفرز ذلك الوضع دائرة مفرغة من السبب والنتيجة، ولهذا فهم مضطرون إلى تحقيق أهداف الشركة بأقل قدر من الموارد. وربما يتمكن مديرو قسم تقنية المعلومات من التوفير في الميزانية من خلال زيادة أعباء التشغيل على مكونات وأجهزة الشبكة إلى أقصى درجة، ولكن سيأتي حتما وقت ترفض فيه الشبكة الانصياع لهذه الضغوط ولسان حالها يقول: "لن أتحمل المزيد!".

الانضمام إلى قافلة الحوسبة السحابية

كيف تستطيع الشركات في الشرق الأوسط الخروج من هذه الدائرة المفرغة، والعثور على نمط جديد لدمج التقنية بأهداف الشركات؟ إن رفاهية التخلي عن الشبكات القديمة الموجودة داخل مقر الشركة والبدء من الصفر ليست في متناول أغلب الشركات والمؤسسات. وفي الغالب ما يكون الوصول إلى تصميم وبناء شبكات حديثة ومتطورة من الصفر تجسيدا للفوضى البيروقراطية الناتجة عن المنافسة بين العديد من المزودين والاستشاريين والمواعيد النهائية ومطلب عدم تجاوز الميزانية، مما يؤدي إلى شبكة غير مؤهلة وناقصة حينما يأتي الوقت لترى النور ويبدأ تشغيلها الفعلي في النهاية.

بدأ مفهوم ‘الحوسبة السحابية’ يفرض نفسه كنموذج بديل للنظم القديمة في المنشآت. ويعني هذا المفهوم تقديم الخدمات المستضافة حسب الطلب، مثل الحوسبة والشبكة وسعات التخزين، ومن خلال هذه الخدمات تتم إدارة الأجهزة المكلفة والمعقدة والمستهلكة للوقت، مما يعني خصم هذه التكاليف من فاتورة المشتري.

وفقا لأحدث تقارير شركة الأبحاث "آي دي سي"، تصل قيمة خدمات تقنية المعلومات المعتمدة على ‘الحوسبة السحابية" إلى 10.7 مليارات جنيه استرليني (ما يعادل 61.3 مليار درهم إماراتي) على مستوى العالم، ومن المتوقع أن يزيد هذا الرقم ليصل إلى نحو 27 مليار جنيه استرليني (154 مليار درهم إماراتي) قبل عام 2013. وفي أوربا، بدأت الشركات تقبل على الفرص التجارية التي تتيحها الأصول الافتراضية وإمكانيات الوصول للتطبيقات من خلال الحوسبة السحابية.

تعريف "السحابة"

كيف تعمل الحوسبة السحابية؟ فكرة ‘السحابة’ بسيطة للغاية لكنها تعتمد على بنية معقدة للغاية. ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة فئات رئيسية: البرمجيات المقدمة كخدمات Saas والبنية الأساسية المقدمة كخدمات IaaS والمنصات المقدمة كخدمات PaaS، حيث يمكن تقديم هذه الخدمات حسب الطلب عبر البنية الأساسية العامة (‘سحابة عامة’) أو تقديمها كخدمات حسب الطلب للمؤسسة أو الشركة عبر شبكات خاصة (‘سحابة خاصة’)، أو كمزيج بين الاثنين (‘سحابة مزدوجة’). بعبارة أخرى، هناك عدة ‘سحب’، ولهذا تقتصر دلالة ‘السحابة’ على المفهوم وليس إلى نظام التوصيل.

توفر مثل هذه الخدمات مزايا مالية وتجارية متعددة للمؤسسات والشركات، مثل الوصول إلى بنية تحتية شديدة المرونة والقدرة المتدرجة على استيعاب الاستخدامات المستقبلية، مما يعني أن المشتري سيتحمل نفقات التشغيل، ويعني كذلك أن مسار الترقية للتقنية الأساسية سيكون سلسا بل غير مرئي أو ظاهر بالنسبة للمشتري، فهو جزء من مجمل الخدمة الكلية "المتوقعة". ورغم الاعتقاد الراسخ لدى العديد من الشركات بأنه يمكن تحقيق الحماية والسلامة داخل المنزل، حيث تتم إدارة ومراقبة ورصد الأصول داخل المنشآت بصورة مباشرة، لكن الحماية في الحقيقة ليست عادة من الخبرات أو المهارات الجوهرية التي تتمتع بها أغلب الشركات، في حين أن خدمات الحوسبة السحابية تعني إمكانية تقديم الحماية كجزء من الخدمة للشركات عن طريق خبراء التقنية المتخصصين في الحماية بحكم طبيعة عملهم.

ربما تكون ‘السحابة الخاصة’ من أفضل الخدمات التي تلائم العديد من الشركات، وتتوافق مع أهدافها، وتقدم لها أكبر ميزة تجارية، لأنها تنطوي على حل مخصص يتم تشكيله وتهيئته عن قرب وفقا للعمليات والإجراءات الداخلية في هذه الشركات.

فما يريده المستخدمون في الشركات هو القدرة على انتقاء النظم حسب الطلب من مجموعة من المزودين على المستوى المحلي الداخلي والمستوى الدولي الخارجي، بينما يسعى قسم تقنية المعلومات إلى القدرة على ضبط ومراقبة هذه النظم عن طريق البرمجيات. لهذا فإن بناء هذه النظم هو مفتاح الولوج إلى عالم السحابة.

مزايا الحوسبة السحابية

تتمثل مزايا السحابة، سواء كانت خاصة أم عامة، في القدرة على اختيار كيفية ومكان تشغيل التطبيقات بناء على اعتبارات تجارية وليس تقنية (الحماية، وطول المدة والتكرار والتكلفة والإنتاجية والتفرد)، والقدرة على تحسين هذه القرارات لتعظيم الميزة التنافسية بالنسبة الشركات.

بدأ الخبراء المتخصصون في استراتيجيات تقنية المعلومات يتعرفون على هذه المزايا بصورة متزايدة، وأدرك عدد كبير من الشركات أن البرمجيات والبنية التحتية والمنصات المقدمة كخدمات حسب الطلب يمكنها تقديم مزايا استراتيجية من حيث التدرج والتوفير في التكلفة، لأن النظم يمكنها التدرج ديناميكيًا بدلا من تصميمها لسيناريوهات استخدام ربما لا تتحقق أو توجد في الواقع. حيث تنطوي الحوسبة السحابية على أقل قدر من المخاطرة، ويتيح نموذج الحوسبة الحسابية للخبراء المخضرمين في استراتيجيات تقنية المعلومات استبعاد أعمال الصيانة والتحديث الدورية وإدارة الشبكة لمستويات ومعايير متفق عليها من الخدمة. ويعني نموذج السحابة كذلك قدرة المديرين على تشغيل أقسامهم كوحدة تجارية جوهرية بما يتفق مع أهداف الشركة.

بعبارة أخرى، عكس مفهوم الحوسبة السحابية نموذج الحوسبة التقليدية رأسا على عقب، إذ يقوم على توزيع من المعلومات واستهلاك هذه المعلومات، ولأن الحوسبة السحابية تعمل على توزيع القدرة على الحوسبة وتخزين المعلومات، فإن ذلك في الحقيقة بمثابة توزيع لمركز البيانات ذاته.

وفي مثل هذه الشبكات، تحتوي النقاط النهائية الذكية على الكثير من قوة الحوسبة، وتمتاز بأنها بعيدة وموزعة ومحمولة. لقد أصبحت المعلومات والتطبيقات تقدم بصورة افتراضية ويمكنها أن تستقر في أي مكان داخل البنية الأساسية التي نشير إليها باسم "السحابة" (وكما رأينا لا توجد سحابة واحدة، بل عدة ‘سحب’ من الأجهزة البعيدة والخدمات المدارة التي تعمل عليها).

الحوسبة السحابية وتكافؤ الفرص

تقدم الحوسبة السحابية القدرة على المنافسة والنجاح للشركات من مختلف الأحجام، حيث تمنحهم الفرصة للوصول إلى بنية أساسية عالمية المستوى تمتاز بالمرونة التي تمكنها من التدرج لاستيعاب المتطلبات المستقبلية وتعزيز الطموح بدلا من كبت النمو التجاري وإعاقته. وفي الشركات الصغيرة، ليس من الممكن يمكن زيادة قدرات الشبكة إلا بإنفاق قدر كبير من رأس المال، وينطوي ذلك على قدر كبير من المخاطرة. ولكن مع الخدمات المعتمدة على الحوسبة السحابية، من الممكن زيادة سعة الشبكة أو إزالتها حسب الطلب، وسداد رسومها حسب الاستخدام. فاستخدام النظم الافتراضية في الخوادم والتطبيقات والحاسبات المكتبية والتخزين وغيرها من المكونات الأخرى للبنية التحتية يعد بمثابة الخطوة الأولى في رحلة تنتهي بنقل التطبيقات الحيوية للشركة إلى مزود الحوسبة السحابية، الأمر الذي سيؤثر على الثقافة الداخلية للشركة.

هذه الإجراءات تجعل من مدير قسم تقنية المعلومات في مكانة ذات قوة وسلطة حقيقية، لأنه من الضروري أن يقود مدير قسم المعلوماتية المهمة برمتها ويدير التغيير الذي سيتم في ثقافة الشركة. ومع إقبال الشركات على الاشتراك في خدمات الحوسبة السحابية، من الممكن أن يحدد مدير قسم تقنية المعلومات وفقا لاحتياجات الشركة ما هو جوهري وأساسي بالنسبة للشركة، وما يفضل أن تتم إدارته كخدمة مدارة .

في مثل هذا السيناريو، يستطيع مدير قسم المعلوماتية أخيرا القيام بمهمته الحقيقية بعد طول انتظار، وتتمثل هذه المهمة في إدارة إجراءات ومسار المعلومات في جميع أنحاء الشركة، وتحتاج هذه المعلومات أن تشمل الرئيس التنفيذي من حيث فهم تأثير التقنيات الجديدة بالإضافة إلى إدارة الابتكارات الداخلية التي تحددها التغييرات التقنية.

تنبثق المزايا المالية من المزايا التجارية، وتتمثل في الانتقال من القرارات المكلفة التي يصعب تبريرها من نفقات رأس المال إلى القدرة على توقع نفقات التشغيل وتسييلها، بالإضافة إلى تخفيض تكاليف التوظيف، فلن تكون الشركات بحاجة إلى تعيين متخصصين لكل أداة أو مكون في شبكة قديمة تتسم بالتعقيد.

كيف تبدأ الرحلة

الشبكات كيان معقد للغاية، حتى أنه من الصعب التعامل مع حجم البيانات والتطبيقات التي يجري نشرها وتوزيعها في الوقت الحالي. وحتى تحقق الشبكات الكفاءة والتوفير في التكلفة الضروري لتحمل المسؤولية الواسعة لمراكز البيانات في المستقبل المعتمدة على النظم الافتراضية، لابد أن تتسم بالبساطة، وإذا كنت ستدير شركتك بالاعتماد على هذه الشبكات، أو تعهد ببياناتك إلى جهة أخرى، فينبغي أن تكون قواعد الربط والتوصيل مستمرة ومهيئة لجميع تطبيقات الشركة. وبينما تنطوي رؤية الغد على تحولات جوهرية مختلفة تماما رؤى اليوم، فإن تطبيق هذه الرؤى المستقبلية ينبغي أن يتم بصورة ارتقائية متدرجة. وتشترط الاقتصاديات والاستمرار التجاري وجود استراتيجية تحول تبسط من العمليات وتحمي أصول العملاء وتضع معايير جديدة لفترات التشغيل.

من المؤكد أنك كشركة ترغب في أن تتمتع بنيتك التحتية المعلوماتية بمزايا تنافسية تجعلها متميزة عن بقية الشركات. ولكي تبدأ رحلة إنشاء مركز بيانات افتراضي حقًا، تصبح فيه الشبكة هي مركز البيانات، ينبغي أن تنتقي الشركة المزودة التي تهدف إلى تفعيل هذه المنظومة الكلية الجديدة وإرساء مستويات جديدة من الكفاءة والاعتمادية وحماية الاستثمارات الحالية مع تبسيط البنية الأساسية بصورة جذرية. ولا يستطيع كل مزودي الحوسبة السحابية تقديم هذه الميزة، لهذا ينبغي باعتبارك مدير قسم المعلوماتية أن تنتقي بعناية مزود الحوسبة السحابية الذي ستعهد إليه ببيانات شركتك وعملياتها التجارية، وإلا فإنك سترتكب خطأ باهظًا للغاية.

______________________________________

1               المصدر: موقع CIOL.com، نوفمبر 2008

2               المصدر: شركة آي دي سي وإي إم سي، 10 مايو 2010