القاهرة

الشبكات المحددة بالبرمجيات ستجعل شبكات مزودي الخدمة والشركات الكبيرة في الشرق الأوسط ساحة للإبداع والابتكار

بقلم : سفيان دويك المدير الإقليمي لشركة بروكيد للاتصالات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا


سفيان دويك خبير الشبكات

خلال الشهور الستة الماضية، أصبح مفهوم الشبكات المحددة بالبرمجيات Software-Defined Networking من المصطلحات الرنانة المتداولة بكثرة في وسائل الإعلام حول العالم وهنا في الشرق الأوسط، ليس فقط في مجال شبكات المؤسسات والشركات الكبيرة بل بين مزودي الخدمة كذلك، خاصة أن شبكات الأبحاث وكبار مزودي الخدمات السحابية وخدمات استضافة مراكز البيانات من أوائل الذين طبقوا واستخدموا هذا المفهوم الجديد. تبشر تقنية الشبكات المحددة بالبرمجيات، وهي من التقنيات الواعدة التي تبشر بتحسين أداء الشبكات والمرونة وسهولة الإدارة، بإحداث ثورة في عالم الشبكات، وإطلاق موجة من الإبداع والابتكار في خدمات التطبيقات. بل إن شركة آي دي سي تتوقع ازدهار سوق الشبكات المحددة بالبرمجيات من 200 مليون دولار في 2013 إلى ملياري دولار في 2016.

وحتى نفهم مزايا الشبكات المحددة بالبرمجيات، من الضروري معرفة مدى تلاؤمها مع المنظور الواسع لاتجاهات تكنولوجيا المعلومات ومعرفة المشكلات التي ستحلها والجهات التي ستساعدها.

وتعاني الشبكات الحالية من نقص الفعالية والكفاءة وصعوبة تغيير حجمها ونطاقها، ومن ارتفاع تكلفتها من حيث الوقت والموارد، فضلا عن عدم قدرتها على التوافق مع العمليات المرنة. وفي أغلب الحالات، يتم توزيع قدرات الشبكة وعملياتها على مجموعة من السويتشات وأجهزة توجيه البيانات (الراوترات) الفعلية باستخدام البروتوكولات المعيارية. ويتم تنفيذ ضبط إعدادات الربط الشبكي في معدات وأجهزة الشبكات بصورة أساسية على كل سويتش على حدة. والنتيجة هي شبكة ذات بنية معمارية شديدة التعقيد. وفي حالة الرغبة في تطبيق أي تغيير كان على موظفي الشبكة الانتقال إلى كل سويتش أو رواتر على حدة وإعادة ضبط بروتوكول التوجيه، وهي مهمة مستهلكة للوقت خاصة في الشبكات الكبيرة ومراكز البيانات الضخمة. وإذا جاز التشبيه، يشبه الأمر تأليف كتاب باستخدام إزميل على لوحات من الحجر الصوان. فإذا حدث خطأ ما في كتابة كلمة على لوح معين، عليك أن تستخدم الإزميل في إعادة نحت كل ما كتبته على لوح آخر، ولا ريب أنها مهمة شاقة شديدة العناء.

وتفصل تقنية الشبكات المحددة بالبرمجيات معالجة حركة بيانات الشبكة عن المنطق والقواعد التي تحكم مسار هذه البيانات. وتساعد هذه التقنية مزودي الخدمة والشبكات وتمنحهم القدرة على التحكم في كيفية إدارة البيانات، وذلك حتى المستوى الذي يستطيعون من خلاله تطبيق القواعد المختلفة وإمكانيات توجيه البيانات، ويشمل ذلك تحديد نوع البيانات التي تمر عبر الشبكة المحلية وتلك التي تمر عبر الشبكة البعيدة. تكن تكنولوجيا الشبكات المحددة بالبرمجيات في جوهرها الشركات والإدارات من التحكم في الوصول للشبكة والموارد على المستوى التفصيلي الدقيق مع المراقبة والرصد الكامل، الأمر الذي يمكن مديري تكنولوجيا المعلومات من حل المشكلات المحددة التي تؤثر على الشبكة. وإذا استعرنا التشبيه السابق، تخيل أنك تؤلف الكتاب نفسه الآن ولكن باستخدام جهاز كمبيوتر. فإذا كتبت كلمة خطأ، يتم تظليلها أو تصحيحا تلقائيا، كما يمكنك إعادة ترتيب الكتاب بالكامل بضغطة زر، ويتم تخزين كل شيء وعرضه في مكان واحد عبر شاشة واحدة بدلا من استخدام العديد من الألواح الحجرية، وهكذا يضحى عملك أسرع وأكثر مرونة وأسهل في الإدارة من خلال منفذ موحدة.

ويستطيع العملاء ضبط الشبكة وفقا لاحتياجاتهم التجارية بفضل تمكين الشركات والمؤسسات من الحصول على نظرة مركزية شاملة لبنية الشبكة بالكامل. ليس هذا فحسب، بل أصبح بإمكان مشغلي الشبكة والمزودين التجريب في أفكار واستراتيجيات تحسين الشبكة في الشبكة الفعلية دون التأثير على المسار الحالي للبيانات. كما يستطيع مشغلو الشبكات الآن تخصيص شبكاتهم لكي تلائم احتياجات أعمالهم، مما يؤذن ببدء دورة جديدة من الإبداع والابتكار في عالم الشبكات، حيث تعاني الشبكات في إنشاء خدمات وتطبيقات معتمدة على الشبكة.

يرجع النمو الكبير في سوق الشبكات المحددة بالبرمجيات إلى الشركات التي تسعى جاهدة لحل مشكلات شبكاتها الحالية مثل التأمين وقوة وسلامة الشبكة وسهولة الإدارة، وإلى إبداع خدمات جديدة موفرة للإيرادات في البنية التحتية للشبكة. والهدف في نهاية المطاف هو الحصول على شبكة شديدة المرونة مهيأة للخدمات السحابية يمكن تحديد حجمها وفقا للخدمة السحابية. بالنسبة لنا في بروكيد، سترتكز الشبكة الجديدة على البنية المعمارية القائمة على التقنية النسيجية، التي تتيح توصيل أي نقطة على الشبكة بنقطة أخرى، وهو أمر حيوي بل جوهري في الاستفادة من جميع مزايا الشبكات المحددة بالبرمجيات. ومن هذه المزايا: محاكاة الشبكة الافتراضية، والتحكم البرمجي في البنية التحتية، والميكنة والضبط الديناميكي المتغير، وإدراج الخدمة حسب الطلب، والسداد مقابل الاستخدام الفعلي، وأدوات الضبط البرمجي الشامل وفقا للمعايير القياسية. من المزايا كذلك تسريع تنفيذ الخدمات السحابية وتبسيط إدارة مركز البيانات وتسهيل تشغيل الشبكة.

رغم أن تكنولوجيا الشبكات المحددة بالبرمجيات لا تزال في بداياتها، لكنها تتمتع بالقدرة على تحويل بنية الشبكة إلى ميدان للإبداع والابتكار . إننا نتعاون مع مشغلي الشبكات وشركات التكنولوجيا الرائدة، ونعمل بصورة وثيقة مع هيئات وضع المعايير مثل مؤسسة الشبكات المفتوحة لتحويل هذه الفكرة إلى حقيقة وواقع ملموس. إن نجاح الشبكات المحددة بالبرمجيات يتمثل في إطلاق العنان لطاقات الإبداع والابتكار من خلال بيئة مفتوحة لتقديم تطبيقات عالية القيمة شديدة الابتكار للعملاء.