القاهرة

أحيلوا «النواوى» للتحقيق..

بقلم أحمد بكير




لم أرَ يومًا اهتمامًا بعزل رئيس شركة من منصبه، كما حدث مع رئيس الشركة المصرية للاتصالات.. فعشرات، بل مئات من المسئولين من رؤساء شركات ووزراء قد تركوا مناصبهم أو أُقيلوا منها، ولم نسمعهم يملأون الدنيا ضجيجًا، كما يفعل المهندس محمد النواوى الرئيس «المعزول» من الشركة المصرية للاتصالات.. والغريب أنْ تُركز الصحف والمواقع والبرامج على عزله، وتشغل الرأى العام عمَّا يجب أن ينشغل به.. والأغرب أن تجد جريدة مُحترمة كجريدة «المصرى اليوم» تُفرد للنواوى صفحة كاملة تتصدرها صورة له بعرض الصفحة، كما لو كانت تحاور رئيس دولة.. ورغم أنَّ الحوار المنشور ليس فيه أى جديد عما سبق نشره بالصحف وأُذيع بالفضائيات، إلا أنَّ الحوار قد اشتمل على مُغالطات كثيرة، ليس لى أن أردَّ عليها، فالرد واجب وحق على الادارة الجديدة للمصرية للاتصالات، وعلى وزير الاتصالات، ولستُ مُخولًا للرد عنهم.  

ولو أننى أجريت هذا الحوار لسألت «النواوى» مئات الأسئلة، أكتفى ببعضها عن حقيقة «أخونة» الوظائف العليا فى الشركة، وعن حقيقة استقوائه بعدد من المقربين والمنتفعين، استقوى بهم لإجهاض قرار استبعاده وعزله من منصبه، قبل أربعة أشهر مضت..  ولو أنى أُحاور النواوى لسألته عن أسباب تغييره للنظام الأساسى للشركة بما يُعطى له امتيازات وسلطات، جعلته يجمع مابين منصب الرئيس التنفيذى، ومنصب العضو المنتدب، بالمُخالفة لأحكام القانون، كما كشف عنها الجهاز المركزى للمحاسبات، وسمحت التغييرات له بترأس مجالس إدارات أربع شركات أخرى فى ذات الوقت، حقق منها منافع شخصية.. ولو أنى من يسأل «النواوى» وهو يدَّعى أنه نصير الغلابة والمُحافظ على المال العام، لسألته كم تتقاضى شهريًا من مناصبك العديدة؟ وهل حقيقى أنك تحصل على ربع مليون جنيه شهريًا أم أكثر؟.. ولو أنى مهتم بالموضوع لسألت «النواوى» عن تكلفة جولاته بالمحافظات مع مقربين له محددين بالاسم؟.. وهل صحيح أنَّ إحداها تكلفت 2 مليون جنيه؟!.. ولو أنى حتى أُناقشه لسألته عن معايير اختيار مكاتب التحكيم فى القضايا الخلافية مع الشركات الاخرى والتى خسرت المصرية للاتصالات  فيها حوالى ثلاثة مليارات جنيه، ورغم الخسارة الفادحة سددت الشركة لمكتب واحد فقط 44 مليون جنيه أتعابًا فى قضية خاسرة، بخلاف ملايين أخرى لمكاتب أخرى.. وبهذه المناسبة أسأل النواوى عن «رانيا» التى أدارت معركة التحكيم وخسرت كل القضايا، وماهى قدراتها وخبراتها لتُنشئ لها قطاعًا للأبحاث القانونية والحوكمة،  وأسندت إليها إدارة قضايا التحكيم التى خسرتها جميعها رغم وجود قطاع كبير وعتيد للشئون القانونية؟!

ولو أنى من «النواوى» لم أتكلم أبداً، والتزمت القانون الذى يمنع قيادات الشركات المُدرجة فى البورصة من التحدث عن هذه الشركات بعد ترك مناصبهم..  والشركة المصرية للاتصالات مُدرجة فى بورصتى القاهرة ولندن، وأى كلام عنها يؤثر على الأسهم وقد يضر بالملايين.. ولو أنى منه لقدمت المصلحة العامة على مصلحتى الخاصة، ولتوقفت فورًا عن تمثيل دور «الضحية»..

ولو أنى من وزير الاتصالات أو من الادارة الجديدة للشركة، لأحلت كل ما هو منسوب للنواوى من مخالفات وتقصير للنيابة للتحقيق..