القاهرة

دراسة حديثة تؤكد : شبكات التواصل الاجتماعي تزيد من عزلة الناس




وصفت أستاذة علم الاجتماع شيري تركل الطريقة المحمومة للناس في التواصل عبر الإنترنت من خلال شبكات التواصل الاجتماعي كـ "التويتر" و"الفيسبوك"، بشكل من أشكال الجنون الحديثة. وذكرت دراسة أعدتها تركل استاذ علم الاجتماع في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن هذا السلوك الذي بات مقبولاً ونموذجياً يعبر عن مشكلة نفسية-اجتماعية.وتسبب كتاب تركل، الذي نشر في بريطانيا، بضجة كبيرة في الولايات المتحدة، التي تشهد اقبالاً شديداً على شبكات التواصل الاجتماعية، وقد بات يشكل هاجساً أميركيا.وتقوم أطروحة تركل على فكرة أن التكنولوجيا تهدد بأن تهيمن على حياتنا وتجعلنا أقل إنسانية، وأنه وتحت شعار "التواصل بشكل أفضل"، فإن هذه الشبكات تزيد من عزلة الناس، عبر ادماجهم في عالم افتراضي متخيل، وليس في عالم انساني حقيقي.وثبت أن موقع "فيسبوك" ومواقع شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى لا تحمل خطورة ممكنة على الأطفال والشبان الصغار فحسب، ولكنها أيضا سبب رسمي لنهاية واحدة من بين كل خمس زيجات في الولايات المتحدة.

وقال مانتيل إن مواقع غوغل وفيسبوك وماي سبيس وتويتر تجعل من السهل على الشريك أن يثبت الخيانة. وأضاف أن معدل الطلاق في حد ذاته لم يتغير بشكل لافت للنظر. فالناس دائما غير مخلصين.

وتوجد هناك حالة من بين كل حالتي زواج في الولايات المتحدة تنتهي بالطلاق.

وكشفت دراسة أخيرة قامت بها الأكاديمية إن من بين حالات الخيانة المكتشفة من خلال وسائل الإنترنت، 66 في المائة ثبتت من خلال فيسبوك و15 في المائة عبر ماي سبيس، و5 في المائة خلال موقع تويتر، والـ 15 في المائة الباقية عبر مواقع أقل شهرة.

وحتى بعض المشاهير قد وقعوا ضحية الشبكات الاجتماعية، كما أثبتت التقارير أن نجمة مسلسل "زوجات يائسات" إيفا لونغوريا قد رفعت قضية للطلاق من زوجها لاعب كرة السلة المحترف توني باركر، الذي اكتشفت أنه كان على علاقة حميمة عبر "فيسبوك" بامرأة أخرى.

وقالت فيفيان ريدينج المفوضة الاوروبية المسؤولة عن الاعلام ومجتمع المعلومات في كلمة في يناير الماضي حددت فيها مخاوفها "لا يمكن أن نتوقع أن يعطي المواطنون ثقتهم لاوروبا اذا لم ندافع عن حق الخصوصية".وأوضحت أمام البرلمان الاوروبي "أصبحت مواقع مثل فيسبوك وماي سبيس وتويتر تحظى بشعبية كبيرة لاسيما بين الشباب".

والنقاش حول الخصوصية بدأ مع الانترنت ولكن النمو الهائل لشبكات التواصل الاجتماعي والقلق المتزايد بشأن التأثير الذي قد يكون لها على التفاعل الاجتماعي زاد من حدة النقاش في الاشهر الاخيرة.

وأضاف أن الفيسبوك وقودا لهذا النقاش عندما رفضت الشركة في أن تدخل تعييرا جوهريا على اعدادات الخصوصية مما يجعل البيانات الشخصية الخاصة بالافراد متاحة بدرجة أكبر من العلانية فعليا ما لم يغير المستخدمون اعدادات البيانات بأنفسهم.

وشرح مارك زكربرغ مؤسس الفيسبوك الخطوة قائلا ان السلوك الاجتماعي تبدل نتيجة للانترنت وان الخصوصية ليست الان كما كانت قبل ستة أعوام.

ومع إعلان السلطات عن مخاوفها بشكل أكثر وضوحا عدل موقع فيسبوك ومواقع أخرى بعض الممارسات أو سلطت الضوء على بعض الاجراءات التي تقول انها تتخذها لحماية خصوصية الافراد وبياناتهم.

ويريد المسئولون أن يؤكدوا للمستخدمين لاسيما قطاعات الشباب والاشخاص المعرضين للمخاطر أن المعلومات الحساسة جدا يمكن أن توضع بسهولة على المواقع ويعثر عليها معلنون وأطراف ثالثة.

ولا أحد يريد أن يرى تشريعا يقيد حرية الانترنت ولكن المراقبين يرون أيضا أن خصوصية الافراد أساس في المجتمعات الديمقراطية وفي حاجة أيضا للدفاع عنها.

وقال جاكوب كونستام رئيس الهيئة الهولندية لحماية البيانات لمسؤولي حماية الخصوصية "ما سنفعله في الاشهر والسنوات القادمة هو أننا سننظم أنفسنا كهيئات لتطبيق القانون بطرق دولية".

ومضى يقول "وعليه فان الفجوة بين تحول سوق الانترنت الى سوق عالمية وكون فرض القانون مسألة وطنية سيتم سدها من خلال خطوات مثل التي نفعلها اليوم".

كان مخترع الشبكة العنكبوتية العالمية (الويب) تيم بيرنرز لي، قد اتهم مواقع التواصل الاجتماعي بالخروج عن مبادئها المعلنة وإنشاء صومعة مغلقة المحتوى.

وحذر بيرنرز لي من ان مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" تمثل واحدة من عدة تهديدات لمستقبل الإنترنت في جميع أنحاء العالم.

وكتب بيرنرز لي مقالا في مجلة العلوم الاميركية اشار فيه الى ان "فيسبوك" ومواقع التواصل الاجتماعي الاخرى التي حققت نجاحات كبيرة تخلت عن مبادئها التأسيسية.

وأشار في مقاله الذي تناقلته الصحف والمواقع الالكترونية وقدمت صحيفة "الغارديان" البريطانية خلاصة له، الى ان مواقع الشبكات الاجتماعية التي لا تسمح لمستخدميها بتمرير المعلومات التي يضعوها على تلك المواقع الى مواقع أخرى، إنما تضع هؤلاء المستخدمين في "مشكلة" تفتت شبكة الانترنت الى "جزر مبعثرة".

وكان بيرنرز لي قد طور في عام 1991 نظام الشبكة العنكبوتية (الويب) لربط الصفحات وتصفحها وتنظيمها على شبكة الإنترنت.

وبدأت فكرة الويب على ان كل شيء مفتوح على بعضه الا اذا كان بهدف الاشتراك في خدمة معينة "مثل صحيفة او قاعدة بيانات مكتبية".

وكسر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" هذه القاعدة بشكل كبير باستقطابه 700 مليون مستخدم، هم عمليا خلف اسوار رقمية لا يمكن لبقية الانترنت اختراقها، كما ان المستخدمين لا يسمح بعضهم لبعض ان يتداخلوا معلوماتياً فيما بينهم.

ووصف مخترع الويب هذه الحالة بـ "جزر مستقلة ضمن سياج كبير اسمه فيس بوك".

وأعرب عن ألمه لقيام الشركات والمواقع بانتاج برامجها الخاصة للتعامل مع الانترنت دون المرور بالويب.

وهذا يدفع المستخدم الذي يريد أن يقرأ صحيفة مثلاً الى تصفحها مباشرة من خلال تطبيقها الخاص، دون الحاجة لاستدعائها من خلال المتصفح، الامر الذي سيقتل فكرة الويب.

وأصبحت الانترنت مجرد بنية تحتية لعدد كبير من التطبيقات بعدما كان الويب/المتصفح هو التطبيق الاساس.

وأكد تيم بيرنرز لي أن الويب تطور ليصبح أداة قوية في كل مكان لأنه بني على مبادئ المساواة، معبراًعن خشيته بتلاشي هذا التنوع عبر تهديده بطرق مختلفة.وعبر عن قلقه من أن مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تصبح أكبر مما هي عليه الان، الأمر الذي يدفعها الى الاحتكار وتقضي على كل فكرة تدعو الى الابتكار.وشبه الامر في احتجاز متسوق بمخزن واحد مقفل الجدران بدلاً من أن يكون في سوق مفتوحة.

وتشير أرقام شركة كومسكور للمقاييس الى وجود 700 مليون مشترك في "فيس بوك" في جميع أنحاء العالم، وهناك أكثر من 33 مليون مشترك في المملكة المتحدة.